قال: لقد رأيت سبعة رجال عليهم سيما الورثة.. جلس كل واحد منهم في
ناحية من النواحي، وأمامه الكثير من الأجهزة المتطوره.. وهو يتعامل معها بانفعال
عجيب حتى أنهم لم يلتفتوا إلي، بل لم يرني أحد منهم.
لقد خطر على بالي، وأنا أراهم أولئك العلماء والباحثين الذين يجلسون
أمام مكاتبهم وأجهزتهم، وهم يرقبون باهتمام وحرص أي صاروخ يطلق، أو أي مركبة تريد
أن تنفذ من أقطار الأرض.
قلت لصاحبي: أهذه وكالة فضاء؟
قال: لا.. هذه وكالة هداية.. وهي مختصة بالشهادة.
قلت: ومن هؤلاء؟
قال: هؤلاء مهندسو شهادة.. كل عقل منهم لا يفكر إلا فيها.. وكل فم
فيهم لا ينطق إلا بها.
قلت: فهم انتحاريون إذن؟
قال: لا.. بل حياتيون.. إن أفكارهم لا تحل بموضع إلا ملأته بأنوار
الهداية والإيمان والحياة.. إنهم لا ينشرون الدمار بل ينشرون الحياة.
قلت: لكأني أعرف وجوههم.. وكأني لا أعرفها.
قال: نعم هم الظاهرون الباطنون..
قلت: فعرفني بهم.
أشار إلى أحدهم، وقال: هذا القمي[1]وهو رجل لا همة له إلا توحيد
المسلمين، وتحقيق التآلف بينهم، فقد رأى أن فرقتهم هي السبب في انشغال بعضهم ببعض،
وترك ما
[1] نشير
به إلى الإمام العظيم تقي الدين القمي، وهو مؤسس دار التقريب بالقاهرة، وأبرز من
سعى في التقريب بين المذاهب الإسلامية.