responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : النبي الهادي نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 396

عصيا على كل من يريد أن ينحرف به عن العلم الذي تعلمه، والأدب الذي تأدبه.

لقد قال فيه صاحب لي اسمه عيسى ـ وهو من العلماء ـ: كان سحنون صمته لله، وكلامه لله، إذا أعجبه الكلام صمت، وإذا أعجبه الصمت تكلم.

قلت: لا يمكن أن يظهر الورع إلا فيمن احتوته المناصب.. وتملكته كراسيها وثقلت به إلى الأرض.

قال: كلهم قد تثقل به الكراسي إلا سحنون.. لقد ولي القضاء بعد أن ألح عليه حاكم هذه البلدة.. فلم يترك مظلمة إلا وردها.. لقد رأيته في اليوم الذي ولي فيه القضاء راكباً على دابة، ما عليه كسوة ولا قلنسوة، والكآبة في وجهه، ما يتجرأ أحد يهنّيه، فسار حتى دخل على ابنته خديجة، وكانت من خيار الناس، فقال لها: اليوم ذبح أبوك بغير سكين.

قلت: وصحبته للسلاطين.. فإن العالم لا يفسد إلا بصحبتهم.

قال: لقد سمعته مرات كثيرة يقول: ما أقبح بالعالم أن يؤتى إلى مجلسه فلا يوجد فيه. فيسأل عنه، فيقال:هو عند الأمير، هو عند الوزير، هو عند القاضي، فإن هذا وشبهه شرٌّ من علماء بني إسرائيل، وبلغني إنهم يحدثونهم من الرخص ما يحبون، مما ليس عليه العمل، ويتركون ما عليه العمل، وفيه النجاة، لهم، كراهة أن يشتغلوهم. ولعمري لو فعلوا ذلك لنجوا، ووجب أجرهم على الله، فوالله لقد ابتليت بهذا القضاء، وبهم، ووالله ما أكلت لهم القمة، ولا شربت لهم شربة، ولا لبست لهم ثوباً، ولا ركبت لهم دابة، وما أخذت لهم صلة، وإني لأدخل عليه، فأكلمهم بالتشديد، وما عليه العمل وفيه النجاة. ثم أخرج عنهم، فأحاسب نفسي، فأجد عليّ الدرك مع ما ألقاهم به في الشدة والغلظة، وكثرة مخالفتي هواهم، ووعظي لهم. فوددت أن أنجو مما دخلت فيه كفافاً.

قلت: قد يكون الورع متشددا يضيق علي ما وسع الله.. وأنا لا أحب أن أترك ما رخصه لنا الشرع.

نام کتاب : النبي الهادي نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 396
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست