قال: إنه حامل مشعل الهداية الذي يجيب عن كل سؤال، ويحل كل إشكال،
ويرفع كل معضلة، ويزيل كل مشكلة.
صحت: ذاك من أبحث عنه.. لقد أخبرني معلم الهداية أني لا أنال الفم
الثامن من أفواه الهداية إلا عند من ذكرت.
قال: فهيا بنا إليه إذن.. فقد قال رسول الله a:(الدال على الخير كفاعله)[2]
قلت: سأسير معك.. ولكني لن أسأله عن أي مسألة مما خطر على بالي حتى
أستوثق من كونه وارثا للنبي a في
هذا الباب.
قال: صدقت في هذا.. فما أكثر الأدعياء.. وقد قال رسول الله a:(إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه
من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالماً، اتخذ الناس رؤوساً
جهالاً، فسئلوا، فافتوا بغير علمٍ، فضلوا وأضلوا)[3]
قلت: إن وارث هذا الفن من فنون الهداية لا ينبغي إلا أن يكون عالما..
فلا يمكن أن يفتي الجاهل.. فهل ترى سحنونا كذلك؟
قال: أجل.. ولولا ذلك ما تصدى للإفتاء.. لقد أخذ العلم عن أهل
المشرق وأهل المغرب.. بل لم يدع محلا من المحال فيه علم من العلوم إلا قصده.. لقد
شهد له..
قاطعته قائلا: لا يكفي أن يكون المرء عالما حتى يستحق هذا المنصب
الجليل، فقد يكون عالما، ولكن الدنيا تجذبه بحبالها، فلا يفتي بما يمليه علمه، بل
يفتي بما يمليه هواه.
قال: كلهم قد تجذبه الدنيا غير سحنون.. لقد بلغ من العمر ثمانين سنة..
وهو لا يزال
[1] نقل
في المدارك عن بعض شيوخ إفريقية، أنه قال: سمي سحنون باسم طائر حديد لحدّته في
المسائل.