لقد وردت النصوص الكثيرة الدالة على حرص
رسول الله a على
إسلام هؤلاء.. ففي السيرة روي: اجتمع علية من أشراف قريش.. فبعثوا إليه: إن أشراف
قومك قد اجتمعوا لك ليكلموك، فجاءهم رسول الله a سريعا، وهو يظن أنه قد بدا لهم
في أمره بدو ، وكان حريصًا يحب رشدهم، ويعز عليه عنتهم، حتى جلس إليهم.
ومما يدل على هذا موقفه a مع عتبة بن ربيعة، وهو أحد
سادات قريش[1]، فقد أظهر a من العناية به والتلطف في دعوته
ما جعله يعود بغير الوجه الذي جاء به.
بل كان a يبدأ بعرض الدعوة على ذوي
المكانة من الأشراف والسادة، قال ابن إسحاق:(لما انتهى رسول الله a إلى الطائف عمد إلى نفر من ثقيف
هم يومئذ سادة ثقيف وأشرافهم.. فدعاهم إلى الله)[2]
ثم لما عاد a إلى مكة كان لا يسمع بقادم
يقدمها من ذوي المكانة والشرف إلا تصدى له فدعاه إلى الله، وعرض عليه ما عنده، ثم
بدأ يعرض دعوته على وفود العرب في موسم الحج وأسواق العرب، وكانت مناسبات هامة
للالتقاء بذوي المكانة من رؤساء العرب.
وقد بين a الحكمة في العناية بذوي المكانة
بقوله:(لو آمن بي عشرة من اليهود لآمن اليهود)[3].. لقد علق ابن حجر على هذا
الحديث بقوله:(والذي يظهر أنهم الذين كانوا حينئذ رؤساء في اليهود ومن عداهم كان
تبعًا لهم)[4]
وهذا هو الأسلوب الذي انتهجه ورثته مع
أمثال هذا النوع:
فمصعب بن عمير وهو مبعوثه a إلى المدينة ليقوم بمهمة
الدعوة والتعليم ـ أظهر عناية
[1] ومما يدل على مكانته في
قريش قولهم: إن صبأ أبو الوليد لتصبون قريش كلها (ابن هشام، السيرة النبوية 1 / 229)