قال: هذه الآيات الكريمة تتحدث عن المستغني عن الله.. وهو يتحقق في
الأغنياء كما يتحقق في الفقراء..
قلت: ولكن كيف بدا لك أن تضع أمامه تلك الملاحظة؟
قال: هذا لم يبدو لي.. بل هي سنة رسول الله a.. بل هي سنة الأنبياء قبله جميعا.. لقد
ذكر الله تعالى في القرآن الكريم دعوة الأنبياء إلى الملأ من قومهم، وتلطفهم معهم..
لقد ذكر الله تعالى كيف أرسل موسى وهارون ـ عليهما
السلام ـ إلى فرعون، فقال:﴿ اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآَيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي
ذِكْرِي (42) اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا
لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44)﴾ (طه).. انظر كيف أمرهما الله تعالى
بدعوة فرعون بكلام رقيق لين سهل، ليكون أوقع في النفوس.. ذلك أن الكلام الذي فيه
خشونة من أعظم أسباب النفرة، لا سيما إذا كان المدعو من الكبراء الذين تغلب عليهم
صفة الكبر والتجبّر.
قلت: إن موقف موسى u في هذا موقف خاص.. ولا يصح القياس عليه.
قال: لا بأس.. فلنعتبره موقفا خاصا..
ولنسر نحو النبي الحكيم لنرى كيف كان يتعامل مع هذا النوع من الناس.. فالسنة لا
تتلقى إلا منه..