قال: النية الصادقة هي التي تتوجه إلى الله بصدق وإخلاص، فلا يكون
لها من باعث في الحركات والسكنات إلا الله تعالى، فإن مازجها شوب من حظوظ النفس
بطل صدقها.
ولذلك ورد في حديث الثلاثة الذين هم أول من تسعر بهم النار قوله a:(إن أول الناس يقضى عليه يوم القيامة
رجل استشهد فأتى به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى
استشهدت، قال: كذبك ولكنك قاتلت ليقال فلان جريء، فقد قيل ثم أمر ثم أمر به فسحب
على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن فأتى به فعرفه
نعمه فرفعها قال: قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمته ومن قرآت فيك
القرآن. قال: كذبت ولكنك تعلمت ليقال عالم، وقرأت القرآن ليقال هو قارئ فقد قيل ثم
أمر بن فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف
المال كله فأتى به فعرفه نعمه فعرفها. قال: فما عملت فيها؟ قال: ما تركت سبيل تحب
أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك قال: كذبت ولكنك فعلت ليقال هو جواد فقد قيل، ثم
أمر فسحب على وجهه حتى ألقي في النار)[1]
ولذلك قال تعالى عن المنافقين:﴿ إِذَا جَاءَكَ
الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ
إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ﴾
(المنافقون:1)، فمع أنهم قالوا (إنك لرسول الله)، وهذا صدق، ولكن كذبهم، لا من
حيث نطق اللسان، بل من حيث ضمير القلب.
قلت: فحدثني عن صدق العزم.
قال: ألا ترى أن الإنسان قد يقدم العزم على العمل، فيقول في نفسه: إن
رزقني الله مالاً تصدقت بجميعه، أو بشطره.. أو إن أعطاني الله تعالى ولاية عدلت
فيها ولم أعص الله تعالى