وقال a:(من تحلم بحلمٍ لم يره، كلف أن
يعقد بين شعيرتين ولن يفعل، ومن استمع إلى حديث قومٍ وهم له كارهون، صب في أذنيه
الآنك يوم القيامة، ومن صور صورةً، عذب، وكلف أن ينفخ فيها الروح، وليس بنافخٍ)[1]
قلت: وعيت هذا.. فحدثني عن الصدق.. أليس هو مطابقة كلامنا للواقع؟
قال: الكلام جزء من تصرفاتنا، ومطابقته للواقع لا تعدو مطابقة جزء من
تصرفاتنا للواقع.. والصدق أخطر من ذلك بكثير.
قلت: فما مجالاته إذن؟
قال: لقد تحدث أهل الله عن الكثير من مجالاته.. وقد جمعها بعضهم في
ستة معان: صدق في القول، وصدق في النية والإرادة، وصدق في العزم، وصدق في الوفاء
بالعزم، وصدق في العمل، وصدق في تحقيق مقامات الدين كلها.
فمن اتصف بالصدق في جميع هذه المعاني فهو صديق لأنه تحقق بالصدق في
جميع معانيه.. ثم هم أيضاً على درجات، فمن كان له حظ في الصدق في شيء من الجملة
فهو صادق بالإضافة إلى ما فيه صدقه.
قلت: فحدثني عن صدق اللسان.
قال: صدق اللسان هو أن يطابق القول الواقع.. سواء كان ذلك في
الإخبار، أو فيما يتضمن الإخبار وينبه عليه.. وبما أن الخبر إما أن يتعلق بالماضي
أو بالمستقبل، فإن الوفاء بالوعد والخلف فيه يدخل في هذا النوع من الصدق.
قلت: إن صدق اللسان معروف مشهور.. وأكثر الناس يحصر الصدق فيه..
فحدثني عن صدق النية والإرادة.