جسده، فكذلك مريض الروح يحتاج إلى أن يفضح نفسه عند طبيب الروح.
قلت: لكن شريعتنا نهتنا عن الفضيحة؟
قال: نهتنا عن الفضيحة التي يقصد منها التشهير، لا الفضيحة التي يقصد
منها التطهير.. ألم تسمع قوله تعالى:﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ
إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ
جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا
اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً﴾ (النساء:64)؟
قلت: أفي السنة ما يدل على هذا؟
قال: أجل.. ألم تسمع تلك الأسئلة الكثيرة التي تأتيه a، والتي تدل على حال قائليها؟
قلت: بلى.. ومن ذلك ما روي أن رجلا أتى النبي a فقال: إن لي جارا يؤذيني، فقال له:
(أخرج متاعك فضعه على الطريق)، فأخذ الرجل متاعه فطرحه على الطريق، فجعل كل من مر
به قال: مالك؟ قال: جاري يؤذيني، فيقول: اللهم العنه، اللهم أخزه! قال: فقال
الرجل: ارجع إلى منزلك، وقال:(لا أوذيك أبدًا)[1]
ونحن نعتمد هذا وغيره مما ورد في السنة المطهرة.. فلدينا في هذا
المنزل فقهاء وعلماء، كما لدينا علماء نفس وخبراء اجتماع، فالتقوى لا تتحقق
بكمالها إلا في ضوء هذه الخبرات جميعا.
قلت: فهلم بنا إليه، فما أشوقني لأن أتعلم علوم التقوى، وأتدرب
عليها.
دخلت مع الزاهد إلى منزل التقوى.. فرأيته من خير المنازل، وأكثرها
بركات، لقد رأيت بعيني فيه قوله تعالى:﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى
آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ
وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ
﴾ (لأعراف:96)
وشهدت فيه تحقيق قوله تعالى:﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ
يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً ﴾ (الطلاق: 2)، فلم