والدعاة إلى دينه)، ثم بكى وقال: (واشوقاه إلى رؤيتهم)
قلت: فحدثني من أخبارهم.. فلا تصفو القلوب إلا بأخبار الصالحين.
قال: لقد كان علي بن الحسين إذا توضأ اصفر لونه، فيقول له أهله: ما هذا الذي يعتادك عند الوضوء؟ فيقول: أتدرون بـين يدي من أريد أن أقوم؟
وقرىء عند يحيـى البكاء:﴿ وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ﴾ (الأنعام:30)، فصاح صيحة مكث منها مريضاً أربعة أشهر يعاد من أطراف البصرة.
قلت: لقد دب الانحراف إلى هذه الأمة، فنسيت خشية ربها، وراحت تنشغل بمخافة الشياطين.
قال: ونحن في هذا المنزل الذي تراه أمامك نحيي هذه السنة العظيمة من سنن رسول الله a.
قلت: عرفت سنية الخشية، ولم أعرفها تأثيرها السلوكي؟
قال: ألم تقرأ ما قصة القرآن الكريم علينا من قصة ابني آدم؟
قلت: بلى.. لقد قال الله تعالى:﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آَدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآَخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27) لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28) إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (29) فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (30)﴾ (المائدة)
قال: ألا ترى أن الخشية من الله هي الحصن الذي تحصن به الأخ الصالح، فلم تمتد يده لقتل أخيه؟
قلت: بلى.. ذلك صحيح، وقد ذكره القرآن الكريم.