قلت: فهل تأذن لي في صحبتك لأتعلم أسرار التربية والإرشاد؟
قال: ما كان للمرشد أن يمنع من قصده.
قلت: لكني سؤول لجوج في المسألة.. وأخاف أن يحصل لي ما قاله أهل
هذا الشأن من أن من قال لشيخه:(لم؟) لا يفلح.
قال: هم لم يقصدوك بهذا.. إنما قصدوا المجادل الذي يقف به جدله
عن الحق.. لقد قصدوا ما ورد في الحديث من أن رجلاً أكل عند رسول الله a
بشماله، فقال: كل بيمينك. قال: لا أستطيع ! قال: لا استطعت ـ ما منعه إلا الكبر ـ
قال: فما رفعها إلى فيه[1].
ويقصدون ما ورد في الحديث عن جابر بن عبدالله قال: أتى رجل
بالجعرانة النبي a منصرفه من حنين وفى ثوب بلال فضة، ورسول الله a يقبض
منها ويعطى الناس، فقال: يا محمد اعدل، قال:(ويلك ومن يعدل إذا لم أكن أعدل، لقد
خبت وخسرت إذا لم أكن أعدل) [2]
قلت: عرفتك، ويشرفني أن أصحبك، وأن أتتلمذ على يديك.. فمن هؤلاء
الذين أحاطوا بك كما تحيط الهالة بالشمس؟
قال: كل هؤلاء رجال من أهل الله.. عرفوا من حقائق السلوك وحقائق
الوصول ما أهلهم لبذله لأهله الذين يطلبونه.
أشار إلى أحدهم، وقال: أما هذا، فاسمه الجنيد، وهو كجده أبي
القاسم الجنيد بن محمد القواريري ذلك المربي بفنون العلم، المؤيد بعيون الحلم،
المنور بخالص الإيقان وثابت