قال: فالنبي a دعا
أصحابه إلى التأسي بأفعاله.. فدعا إلى أن يصلوا كصلاته، ويصوموا كصومه، ويحجوا
كحجه.
قلت: ولكن الناس اختلفوا.
قال: اختلفوا في الأواني.. ولم يختلفوا في المعاني.
قلت: ما تقصد؟
قال: لقد كان النبي a
يوسع على أمته في أفعال الجوارح، فيؤدي العمل الواحد في صور مختلفة.
قلت: هذه الأواني.. فما المعاني؟
قال: الحقائق التي من أجلها تتحرك الجوارح.. ألا ترى أن الجوارح لا
تتحرك في كل ذلك إلا لمرضاة الله خشوعا لله، وخضوعا له؟
قلت: بلى.. ولم أر من يخالف في ذلك.
قال: فهذا هو القدوة الذي يملأ الحياة بالإيمان وبحقائق الإيمان..
إنه لا يشغل الناس بالحركات، بل يشغلهم بما تعنيه الحركات.
قلت: أنا رجل رحل من بلاد بعيدة طلبا لمناهج الهدي.. ولا أريد منك
إلا تفصيلا يؤكد لي هذا حتى أعلم أنه منهج نبوي صحيح.. فما أخطر البدعة في مثل هذه
السبيل.
قال: لقد كان رسول الله a هو القدوة الأول في كل أموره..
لقد كان العابد الأول الذي جعل من الصلاة قرة عينه، فكان يقوم الليل
حتى تتفطر قدماه، ويبكي حتى تبلل دموعه لحيته.