قال: سأحدثكم عن عشر تجمع أصول ذلك.. أما فروعه فستتدربون عليها في
هذا المجلس حتى لا تطردوا من حلق العلم.
قلت: وهل يمكن لمعلم أن يطرد من يتعلم على يديه؟
قال: لقد كان ذلك سنة السلف الصالح.. كانوا لا يرون أحدا يعكر مجلس
العلم بالجدال وسوء الأدب إلا طردوه.
قلت: ألا ترى أنهم يقسون عليه بذلك؟
قال: رب قسوة تحمل من الرحمة ما لا تحمله أي رحمة، ألم تسمع الشاعر
الحكيم، وهو يقول:
وقسا ليزدجروا ومن يك راحما
فليقس أحيانا على من يرحم
قلنا: بلى.. فحدثنا عن الأول.
قال: لقد ذكر سلفنا عن سلفهم من أهل العلم أن من آداب الطالب
والأستاذ إذا عزم على الجلوس مجلس التدريس أن يتطهر من الحدث، وينظف، ويتطيب،
ويلبس من أحسن ثيابه اللائقة به بين أهل زمانه، قاصداً بذلك تعظيم العلم وتبجيل
الشريعة.
قلنا: فحدثنا عن الثاني.
قال: أنتم تعرفون صلاة الاستخارة؟
قلنا: وما علاقتها بهذا؟
قال: لقد كان من سلفنا من يقدم على مجلسه هذه الصلاة.
قلنا: لم؟
قال: حتى يكون تحركه للعلم والتعليم بتحريك الله لا بتحريكه.. ثم إن
في العلم مجاهيل، فهو يحتاج من الله أن يوفقه لسلوك متاهاتها.. ثم إن في العلم
فروعا كثيرة، فهو يحتاج لأن يخير الله له خيرها، وأوفقها بالنسبة له.