وحدثنا أنه بينما كان رسول الله جالسا في المسجد، والناس معه، إذ
أقبل ثلاثة نفرٍ، فأقبل اثنان إلى رسول الله a، وذهب واحدٌ، فوقفا على رسول الله a، فأما أحدهما، فرأى فرجةً في الحلقة،
فجلس فيها وأما الآخر، فجلس خلفهم، وأما الثالث فأدبر ذاهباً. فلما فرغ رسول الله a، قال: (ألا أخبركم عن النفر الثلاثة:
أما أحدهم، فأوى إلى الله، فآواه الله، وأما الآخر فاستحيا فاستحيا الله منه، وأما
الآخر، فأعرض، فأعرض الله عنه)[1]
قلنا: ما سر إيرادك لهذه الأحاديث، وما علاقتها بسمت أهل العلم مع
دروسهم؟
قال: هذه الأحاديث هي المنبع الذي منه يستقي طالب العلم ومعلمه ما
ينشر فيهما سمت أهل العلم مع دروسهم.
قلنا: كيف ذلك؟
قال: لقد أخبر رسول الله a أن مجلس العلم مجلس يأوي فيه طلبة العلم إلى الله، فيكونون بجلوسهم
فيه ضيوفا على الله.. وأخبر أنه مجلس تحضره الملائكة.. وأخبر أنه مجلس تستجاب فيه
الدعوات، وتلبى فيه الطلبات.. ومثل هذا المجلس الذي شرف هذا التشريف ينبغي أن لا
تقل هيبته عن هيبة الصلاة.
قلنا: نحن نعرف أركان الصلاة وفضائلها وموانعها ونواقضها.. فهل أثر
عن سلفكم من أهل العلم ما يرتبط بمجلس العلم من أحكام؟
قال: أجل.. لقد اتفق جميع أهل الله من ورثة رسول الله a على أن لمجلس العلم من الحرمة ما لا يقل
عن حرمة الصلاة.. فلذلك سنوا فيه من الآداب ما يحفظ حرمته، ويعطيه حقه من التعظيم.