قال: فالعالم الذي وصف بأنه تخلص من إسار الهوى والسلطان والمال
والجذور وصف بالخضوع للحق.
قلنا: ذلك صحيح.
قال: وما كان جزاء من أخبت للحق؟
قلنا: لقد ذكر الله ذلك، فقال:﴿ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ
الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾
قال: فهذا وعد من الله تعالى لمن لم يخضع إلا لما يطلبه الحق بأن
يهديه إلى الصراط المستقيم.
قلنا: ذلك صحيح.
قال: وهذا يعني أن من تكبر على الحق، أو كتم الحق بعد أن علمه، أو لم
يسلك السبيل الصحيح التي تهديه إلى الحق، فلن يهتدى سواء السبيل.
قلنا: ذلك كذلك.
قال: فهذه الآية ترسم لنا المنهج الموضوعي في العلم.. وهو المنهج
المتحرر من كل قيد سوى قيد البحث عن الحقيقة.. وطالب العلم الذي لم يمتلئ بهذا، لن
يزيده علمه إلا نفورا من الحق وإعراضا عنه.
قلت: ولكن المعلمين عندنا يربون تلاميذهم على التقليد؟
قال: من ربى تلاميذه على التقليد، فقد أحدث، ومن أحدث فقد ابتدع، ولا
يبتدع إلا ضال.
قلنا: عرفنا ما يفهمه طالب العلم من السابعة، فما الذي يستفيده من
الثامنة، وهي قوله تعالى:﴿ وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ
ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلا يُلَقَّاهَا إِلَّا
الصَّابِرُونَ﴾ (القصص:80)؟