قلنا: عرفنا ما يفهمه طالب العلم من الخامسة، فما الذي يستفيد من
السادسة، وهي قوله تعالى:﴿ يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ
مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً﴾ (مريم:43)؟
قال: أليس الابن تابعا لأبيه؟
قلنا: بلى.. وقد حدث جابر أن رجلا أتى النبي a، فقال: يا رسول الله، إن لي مالا
وعيالا، وأنه يريد أن يأخذ من مالي إلى ماله، فقال رسول الله a:(أنت ومالك لأبيك)[1]
قال: وفي العلم.. هل يجوز للعالم أن يترك ما هداه إليه علمه في مسألة
لأن أباه يقول بها؟
قال بعض الطلبة: لو فعل ذلك لصدق عليه قوله تعالى:﴿ وَإِذَا
قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا
أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً
وَلا يَهْتَدُونَ﴾ (البقرة:170)
قال: فكما تحرر العالم من سلطان المال والجاه والهوى.. ينبغي أن
يتحرر من سلاطين الآباء والأجداد والجذور.. فليس للعالم من سلطان غير سلطان علمه.
قلنا: عرفنا ما يفهمه طالب العلم من السادسة، فما الذي يستفيد من
السابعة، وهي قوله تعالى:﴿ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ
أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ
وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ (الحج:54)؟
قال: ألا ترون كيف وصف الله أهل العلم بالإخبات؟
قلنا: أجل.. ونحن نعلم أن الإخبات هو الخضوع.
قال: متى وصفهم بذلك؟
[1] رواه
ابن ماجه باختصار، ورواه الطبراني في الأوسط.