العلم الحقيقي؟
قلت: كيف لا تحمل اسم العلم الحقيقي؟
قال: لأن العلم الذي لا يثبت، ولا يسير مع صاحبه هو إلى الجهل أقرب منه إلى العلم.
قلت: لم أفهم.. فالعلم يظل علما.. ولن يصير جهلا أبدا.
قال: الصبي في صباه له علوم كثيرة.. فهو يظن أن السماء تنتهي حيث انتهى بصره.. وأن لعبته أفضل من تيجان الملوك..
قلت: وهل هذا يسمى علما؟
قال: بالنسبة له هو علم..
قلت: نحن لا نسميها علوما.
قال: فهكذا الأمر بالنسبة للحقائق الأزلية.. فأكثر المعارف التي يزهو بها العلماء لا تختلف كثيرا عن تلك المعارف التي يزهو بها الصبيان.
قلت: فهمت هذا.. فقربه لي.. فإني من قوم عبدوا علومهم، وصار يصعب عليهم فهم مثل هذا؟
قال: أرأيت لو أن البشرية استطاعت في يوم من الأيام أن تنفذ من أقطار السماء.. كيف يصبح ـ حينها ـ صعودها إلى القمر؟
قلت: يصبح مجرد لعبة.. فالبشرية لو وصلت إلى هذا، فإن القمر حينها يصبح جزيرة لا كوكبا.. بل لعل الصبيان ـ حينها ـ يمتطون دراجاتهم للصعود إليه.
قال: فما ورد في النصوص المقدسة من الحقائق عن الكون يجعل من كل ما نراه شيئا هينا لا يكاد يذكر..
قلت: فكيف يدل العلم على السجود؟
قال: من وعى هذا سجد لله لا محالة.. لقد قال الله تعالى يذكر ذلك:﴿ وَمِنَ النَّاسِ