تطورا ممحوق البركة.. ولو أنها رعته بالإخلاص والتجرد لكان شأنها
الآن مختلفا تماما.
قلت: كيف ذلك؟
قال: نحن ننظر إلى ما أوتينا، ولم ننظر إلى ما لم نؤت.. فانشغلنا بما
أوتينا، وتصورنا أنه النهاية.. ولو فكرنا فيما لم نؤت مع قدرتنا على أن يكون لنا
لاعتبرنا أنفسنا متخلفين لا متقدمين، وفقراء لا أغنياء، وجهلة لا متعلمين.
قلت: كيف ذلك؟
قال: سأضرب لك مثالا على ذلك.. ألا ترى أن الشركات والأفراد.. وكل
مراكز البحث تحتكر الكثير من بحوثها.. بل تشح به حتى يبقى غيرها تابعا لها.. وحتى
تنسب براءات الاكتشاف والاختراع إليها لا إلى غيرها.
قلت: أجل.. أرى ذلك.
قال: ألا ترى أن ذلك يقف في وجه البحث العلمي؟
قلت: بلى..
قال: وكيف يكون الحال لو أن هذه الجهات تحلت بالإخلاص، فراحت تنشر
بصدق كل ما توصلت إليه من علم، لا يهمها هل نسب إليها أم لم ينسب؟
قلت: حينها يختلف الوضع تماما.. حينها ستتحول الأرض جميعا إلى مركز
أبحاث موحد.. وحينها سيكون الإنتاج العلمي مضاعفا.
قال: ذلك بعض بركات الإخلاص..
قلت: وما جميع بركاته؟
قال: الإخلاص يحول بين العلماء وطلبه العلم وبين الأهواء.. فلذلك
سيخدم العلم الحاجات التي تتطلبها الحكمة، لا الحاجات التي يتطلبها الهوى.