ليس فيها طبيب إلا من أهل الذمة، ولا يجوز قبول شهادتهم فيما يتعلق
بالأطباء من أحكام الفقه، ثم لا نرى أحداً يشتغل به، ويتهاترون على علم الفقه
لاسيما الخلافيات والجدليات والبلد مشحون من الفقهاء بمن يشتغل بالفتوى والجواب عن
الوقائع؛ فليت شعري كيف يرخص فقهاء الدين في الاشتغال بفرض كفاية قد قام به جماعة
وإهمال ما لا قائم به؟ هل لهذا سبب إلا أن الطب ليس يتيسر الوصول به إلى تولي
الأوقاف والوصايا وحيازة مال الأيتام وتقلد القضاء والحكومة والتقدم به على
الأقران والتسلط به على الأعداء؟)[1]
قلت: بلى.. سمعت هذا.
قال: أرأيت لو أن هؤلاء الطلبة الذين انشغلوا بما كفوا.. وضعوا بين
أعينهم طاعة الله، فراحوا يبحثون في فروض الأعيان والكفاية ما يحققها.. هل ترى مثل
هؤلاء يتركون لأهل الذمة الانشغال بهذه العلوم دونهم؟
قلت: لا.. لا أحسبهم يفعلون ذلك..
قال: وحينذاك ستكفى الأمة هذه الناحية كما تكفى غيرها من النواحي،
ولا يتحقق ذلك إلا ببركة الإخلاص والتجرد.
قلت: صحيح ما ذكرت.. ولو أنهم فعلوا ذلك لكنا الآن أحسن حالا.. ولكن
الوضع الآن مختلف.
قال: لا.. الوضع واحد.. الإنسان واحد في جميع الأزمان.
قلت: كيف ذلك.. ونحن نرى أن أكثر ما وصلنا إليه من تطور لم نصل إليه
إلا ببركات حب الجاه والمال والشهرة؟
قال: ولكن شؤم حب المال والجاه والشهرة جعل هذا التطور الذي تفخر به
البشرية