قال بعض الطلبة: فكيف نتقي هذا الخطر العظيم الذي يهدد أهل العلم؟
قال: لا يتحقق ذلك إلا بأن تتجردوا لله، فلا تقصدوا بعلمكم أي غرض
دنيوي، من تحصيل مال أو جاه أو شهرة أو سمعة أو تميز عن الأقران.. وغير ذلك مما
تشتهيه النفوس..
قلت: ألا ترى ـ يا شيخنا الجليل ـ أن ذلك قد يقف بعجلة العلم؟
قال: ولم؟
قلت: نحن نرى في واقعنا أن طللبة العلم لا يستحثهم إلا الجاه،
والشهادات العالية، والمناصب الرفيعة، والأموال التي تدر عليهم من كل محل.. وفوق
ذلك كله نيلهم الجوائز العالمية الكبرى التي يسيل لها لعاب الحريصين.
قال: لا حرج أن يسلم الطالب المجد، والعالم الفحل كل تلك الجوائز..
ولكن الخطر الكبير في أن يقصدها.
قلت: ما الفرق بينهما؟
قال: لقد فرق رسول الله a بينهما عندما قيل له: أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير، ويحمده
الناس عليه؟ فقال: (تلك عاجل بشرى المؤمن)[2]
قلت: فما سر هذا التفريق؟
قال: عندما تقصد شيئا، وتجعله هدفا بين عينيك، فإنك لن تتحرك إلا من
خلاله، وذاك يحجزك عن خير كثير .. وقد يضعك بين يدي شر كثير.
قلت: فاضرب لي مثالا على ذلك.
قال: لقد كنت في المدرسة الغزالية.. ولعلك سمعت الغزالي، وهو يقول:(كم
من بلدة