قال: إن هذه الأحاديث وغيرها هي المحرك الذي حرك هممنا وحرك همم
الأجيال الكثيرة من ورثة رسول الله a
لطلب العلم.. فكيف لا أحفظها؟
قلت: من رواها لك.. أأخذتها من الثقاة العدول.. أم تراك أخذتها من
المدلسين والضعفاء؟
نظر إلي بغضب، وقال: أتتهمني في ديني؟.. كيف أرضى أن آخذ علم ديني
وأقوال نبيي من المدلسين والضعفاء.. إن كل ما أرويه لدي أسانيده العالية إلى رسول
الله a.. ولولا خشية الإطالة عليك
لذكرتها لك سندا سندا.. وعرفتك برجالها رجلا رجلا..
قلت: أنت محدث إذن.. فكيف ترضى بالرعي؟
قال: أراك تعود إلى ما بتتنا فيه.. أنا عبد لله.. وعبد الله لا يختار
إلا ما اختار الله له.. ثم إن كل من تلاقيه من الرعاة والتجار والبنائين والخياطين
يعلم ما أعلم، أو يعلم أكثر مما أعلم.. فهل يتركون حرفهم جميعا؟
قال ذلك، ثم انتبه إلى بعض نعجاته، وقد ابتعدت عن صواحبها، فأسرع
إليها، وهو يحدو بقول الحافظ العراقي في ألفية السيرة:
مَرُّوا على خَيمَةِ أمِ مَعبَدِ
وهْيَ علَى طريقِهِمْ بمَرْصَدِ
وعندَها شَاةٌ أضرَّ الجَهْدُ
بِها وما بِها قوًى تَشتَدُّ
فَمَسَحَ النبيُّ منها الضَرْعَا
فَحَلبَتْ ما قدْ كفَاهُمْ وُسعَا
وَحَلَبَتْ بعدُ إناءً ءاخرَا
تركَ ذاكَ عندَها وَسَافَرَا
جزى الله ربُّ الناس خيرَ جزائه
رفيقين حَلاّ خيمتَي أم معبد
هما نزلاها بالهدى فاهتدت به
فقد فاز من أمسى رفيق محمد
فما حملت من ناقة فوق رَحْلِها
أبرّ وأوفى ذمة من محمد
عادت الشاة إلى حيث صواحبها، فاقتربت منه، وقلت: أرى الشاة قد
أطاعتك، أترى