فهمت ما كنت تقرؤه عليها؟
قال: وما يمنعها أن تفهم.. إن لله في خلقه من الأسرار ما لا تطيق عقولنا أن تحيط به.
قلت: لقد كنت تقرأ من ألفية العراقي في السيرة.. فما تحفظ منها؟
ابتسم، وقال: أحفظها ـ بحمد الله ـ جميعا..
صحت متعجبا: أتحفظ ألف بيت كاملة؟
ابتسم، وقال: وما ألف بيت.. إنها أيسر علينا بحمد الله من شربة ماء..
قال ذلك، ثم نظر إلي، وقال: إن الذي تراه أمامك يحفظ عشرات الآلاف من أبيات الشعر والنظم.. وأذكر أن أمي كانت تسكتني في صباي بألفية ابن مالك؟
قلت: أأمك تحفظها؟
قال: وكيف لا تحفظها؟.. وما لها لا تحفظها؟.. ألم تحفظ لنا الألفية النحو الذي نطق به رسول الله a؟
قلت: بلى..
قال: فلذلك ترى الجميع يحفظها هنا.
قلت: أراكم انشغلتم بعلوم الآلات عن علوم المقاصد؟
قال: وما علوم المقاصد؟
قلت: حفظ القرآن الكريم مثلا.. أليس الأجدر بكم بذل الجهد في حفظه بدل حفظ الأشعار التي لا تصلح إلا للأسمار.
قال: نحن لا نتحدث عن حفظ القرآن..
قلت: لم؟.. لقد يسره الله للذكر، فكيف عسر عليكم؟
قال: أرأيت لو أن من أهل بلدك من راح يعدد في محفوظاته سورة الفاتحة، ويفخر بها.. ما ترى موقف الناس منه؟