قال: المحاور الذي كلف بأن يخاطب الكل يعرف الأساليب التي يتعامل بها
مع كل صنف، فلكل أسلوبه الخاص، ولكل منافذه الخاصة.
قلنا: فهل ننزل بهذه الفروع لنتعلم من أهلها؟
قال: أجل.. فلا يمكن لمن يريد أن يستن بسنة رسول الله a في الحوار أن يجهل هذا.
***
بعد أن درسنا بالتفصيل ما يرتبط بمناهج الحوار مع الملأ والعامة،
وكيفية إجابتهم على ما ينتشر بينهم من شبهات، انتقلنا إلى فرع من فروع قسم السعة،
وهو الفرع المسمى (الأحبار)، وقد كتب على باب هذا الفرع قوله تعالى:﴿ وَلا
تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ
ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ
إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾
(العنكبوت:46)
وقد كان هذا الفرع من أهم الفروع الدراسية في هذه المدرسة، وقد
استفدنا منه مناهج كثيرة في التعامل مع أحبار الأديان المختلفة..
لا يمكنني أن أذكر لك كل ذلك، ولكني سأذكر لك حادثة وقعت بين بعض
زوار هذه المدرسة والغزالي.. سأحكيها لك بحروفها.. فقد كانت هذه الحادثة من أهم ما
رغبنا في الدراسة في هذا الفرع.
بمجرد أن دخلنا إلى هذا الفرع، رأينا رجلا جسيما صاحب لحية طويلة،
يمسك بالغزالي بشدة، ويقول: اتق الله يا رجل.. ما الذي تريد أن تفعل بالمسلمين؟..
ألم ترتدع وقد حرق سلفنا كتب جدك؟
ابتسم الغزالي، ولم يرد عليه.. أردنا أن نتدخل، فنهرنا.. ثم قال للرجل
الذي لا يزال يمسك بتلابيبه: رويدك ـ يا أخي ـ فلا يمكنني أن أنتصح لما لم أنصح به..
انصحني ـ أولا ـ ثم عنفني كما تشاء.