قال أحد رفاقي: بل في القرآن الكريم ما يدل على ذلك.. فإن القرآن كما
ذكر ما وقع فيه إبلس، ذكر ما وقع فيه آدم u.. ولكن الفرق بينهما أن إبليس تعنت واستكبر، وآدم u تواضع، وقال مخاطبا ربه ـ ومعه زوجه ـ:﴿
رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا
لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ (لأعراف: 23)
قال الغزالي: فقد عرفتم سر ما كتب في الباب من قصة إبليس وحواره مع
ربه.
قلنا: لا.. لم نفهم.. نحن نعرف القصة من قبل.
قال: ألا ترون أن الله تعالى.. مع تعاليه وعظمته.. يحاور إبليس، وهو
الذي عصاه، بل يعطيه فوق ذلك ما يطلبه من الإنظار؟
قلنا: ذلك صحيح.
قال: فهل هناك من هو شر من إبليس؟
قلنا: لا نعلم أحدا شرا منه.. فكل شر يحصل في الأرض له نصيب منه.
قال: فهل هناك من هو أعظم من الله؟
قلنا: ما تقول؟.. لو قلنا: نعم لكفرنا.
قال: فاعلموا إذن بأن الله تعالى في قدسه حاور شر خلقه، وأعدى
أعدائه، فمن تكبر على أي شخص يريد أن يحاوره ـ مهما كان ـ فقد وضع نفسه في مرتبة
أعظم من مرتبة الله، أو وضع من طلب محاورته في محل أخطر من المحل الذي جعل الله
فيه إبليس.
رأينا فروعا كثيرة في ذلك القسم، فقلنا: ما هذه الفروع؟
قال: هذه الفروع تستن بقوله a:(أنزلوا الناس منازلهم)[1]