أن اسبينوزا.. الفيلسوف اليهودي المعروف.. كان قد كتب رسالة في
اللاهوت والسياسة، وهو أساساً نقد للعهد القديم ولأسفار موسى الخمسة.. وقرأت أنه
من أوائل المفكرين الذين وضعوا دعائم العلم الذي يُسمَّى (نقد العهد القديم)، أو
(النقد التاريخي للكُتب المقدَّسة).. فرحت أستثمر كل ما قاله في ذلك.
قلت: وماذا لو كان اسبينوزا أخطأ في استنتاجاته؟
قال: أنا لا تهمني الاستنتاجات.. ولم أكن أطلب الاستنتاجات.. بل كنت
أطلب الحقائق، والتوثيقات المرتبطة بها.. أما النتائج.. فيمكنك أن تستثمرها في أي
محل.. ألست ترى من الناس من يأكل التفاح ناضجا، ومنهم من يأكله مربى، ومنهم من
يأكله مطبوخا؟
قلت: المهم أنه أكل تفاحا..
قال: وهكذا فعلت.. لقد كنت أبحث عن تفاح الحقائق من جميع أنواع
البساتين لأطبخ منه بعد ذلك ما أراه صالحا للمعد المختلفة.
المسائل:
بعد أن مكثنا فترة في الفرع الأول.. انتقلت مع بعض رفاقي إلى الفرع
الثاني من قسم (الخبرة).. وقد كتب على بابه قوله تعالى:﴿ قُلْ يَا أَهْلَ
الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا
نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا
بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا
بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾ (آل عمران:64)
وقد قابلنا في مدخل هذا الفرع الغزالي مبتسما مهنئا، فسألناه عن سر
وضع الآية في مدخل هذا الفرع، فقال: هنا نبحث في المسائل المهمة التي نحتاج إلى
الحوار فيها.
قلت: كنت أتصور أن الحوار يمكن أن يكون في كل شيء؟
قال: أجل.. ولكنا في هذه المدرسة خصوصا آلينا على أنفسنا أن نبتعد عن
كل لغو..