وسقراط ومن كان قبلهم من الإلهيين، رداً لم يقصر فيه حتى تبرأ عن
جميعهم)[1]
قال: انظر.. إن ما قرأته من هذا النص يدل على منهج حكيم للمحاور
الحكيم.. وهو منهج أشار إليه قوله تعالى:﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ
النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ
وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ
قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا
فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ (البقرة:113)
قلت: ما تعني؟
قال: إن الآية الكريمة تشير إلى العداوة المستفحلة بين اليهود
والنصارى.. وهي عداوة يمكن للمحاور الحكيم أن يستثمرها.. فيغني نفسه عن جهد كبير
قد لا يكون بحاجة إليه.
قلت: نعم.. لقد ذكر جدك أبو حامد أنه استثمر العداوة فيما بين
الفلاسفة، والصراع الذي كان بينهم.
قال: وهكذا الحكيم يستثمر الصراع بين الفلسفات المختلفة.. فالحكمة
ضالة المؤمن أنى وجدها، فهو أحق بها.
سكت قليلا، ثم قال: سأضرب لك مثالا..
قاطعه بعض رفاقي قائلا ـ وهو يبتسم ـ: هو لجدك أم لك.
ابتسم، وقال: ليس جدي سواي.. ولست سوى جدي.. لقد امتلأت حبا له،
ففنيت فيه.. فلا تراني أتحدث إلا عنه.. فاعذروني..
أما هذا المثال.. فأنا الذي اكتشفته بحمد الله.. ولو أن لجدي سبب في
اكتشافه..
لقد أردت مرة أن أحاور بعض أهل الكتاب في التحريف الذي طال كتبهم،
ولم يكن لدي الوقت الكافي للبحث في المخطوطات والتراجم والنسخ المختلفة.. وقد سمعت
حينها