وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق أمتي على ثلاث
وسبعين فرقة)[1]
قال: ألا ترى كيف حصر رسول الله a أصناف الفرق المتفرعة عن اليهودية، وعن
النصرانية، وذكر ما سيصل إليه المسلمون من تفرق.
قلت: بلى.. ولكن من قومي من يتخذ من هذا الحديث مطية للتفريق بين
المسلمين، وزرع الأحقاد بينهم.
قال: أولئك جهلة أو غافلون.. وهم لا يفهمون من النصوص المقدسة إلا ما
توحي لهم به نفوسهم المدنسة بالحقد والتعصب والكبرياء.
قلت: فما تفهم أنت؟
قال: إن رسول الله a
أعظم الناصحين.. وهو يدلنا على التعرف على مقولات الفرق والملل والنحل.. لا لنصب
عليها نيران أحقادنا، وإنما لنصيبها ببلسم شفائنا.. ألا ترى كيف يصنف الأطباء
المرض الواحد إلى أنواع مختلفة.. تحت كل نوع منها أنواع أخرى.. وهكذا؟
قلت: بلى.. وقد مارست الطب زمنا، وعرفت من علوم ذلك ما وفقني الله
لمعرفته.
قال: فاعبر من طب الأجساد إلى طب الأرواح .. واعبر من طب الأفراد إلى
طب المجتمعات.
قلت: لقد ذكرني حديثك هذا بجدك أبي حامد.. فقد كان رجلا حكيما.. لقد
قال بعد أن ذكر ما تعلمه من علوم الفلاسفة:(اعلم أنهم ـ على كثرة فرقهم، واختلاف
مذاهبهم ـ ينقسمون إلى ثلاثة أقسام: الدهريون، والطبيعيون، والإلهيون)
ثم ذكر مقولات كل طائفة، وما تميزت به عن غيرها، فذكر أن الدهريين (هم
طائفة من الأقدمين جحدوا الصانع المدبر، العالم القادر، وزعموا: أن العالم لم يزل
موجوداً كذلك