قال: إن القرآن الكريم في هذه الآيات الكريمة يذكر لنا وجهات اليهود
والنصارى ومعتقداتهم ليخاطبهم على أساسها.. وهو ـ بذلك ـ يدعونا أن نتعرف على
الوجهات المختلفة قبل التعامل معها.
قلت: ولكن الحوار قد لا يكون في تلك الوجهات بذاتها.. أي أن حوارنا
مع النصارى مثلا لا يرتبط بما يقولونه عن المسيح u.
قال: ولو.. إن الأفكار والمعتقدات سلسلة واحدة.. ولا يمكنك أن تتعامل
مع حلقة من حلقات السلسلة، وأنت تجهل السلسلة جميعا.
قلت: ولكن الوجهات كثيرة جدا..
قال: كل من أراد أن يحاور جهة.. فعليه أن يتعرف على القبلة التي
تتوجه إليها..
قلت: أتقصد أنا لن ندرس في هذا الفرع كل الوجهات؟
قال: لو فعلنا ذلك.. فلن تخرجوا من هنا.. لقد عرفت كيف استمر جدي أبو
حامد أكثر من سنتين في دراسة الفلسفة اليونانية وحدها.
قلت: فماذا سندرس في هذا الفرع إذن؟
قال: سنتعرف على الوجهات العامة للملل والنحل.. ونتعرف على المصادر
التي يمكن أن تكون مرجعا لنا إذا أردنا العلم التفصيلي عنها.
قلت: لم نكتف بهذا؟
قال: لأن العلم بالملل والنحل وحصرها وتصنيفها من العلوم التي
استفدناها من نبينا a.. ألم تسمع حديثه في افتراق
الملل والنحل؟
قلت: بلى.. فقد ورد في الحديث قوله a:(افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة،