ظللنا طول يومنا نسمع قرآنا وعلوما.. وقد رأيت دموع الحاضرين
تنهمر بقوة، وهي تسمع تلك الأحاديث العذبة التي تفسر القرآن الكريم خير تفسير وأبين
تفسير.. وقد رأيت بعضهم يصيح تائبا لله ومستغفرا له.
وقد عجبت من ذلك عجبا شديدا، فلم أر من الأمير إلا قراءته
القرآن، ودعوته العلماء والمختصين للحديث، وقد سألته عن سر ذلك التأثير، فقال: إن
أعظم حجاب بين الإنسان وبين الإيمان، وما يقتضيه الإيمان هو غفلته عن الله، وعن
عظمة الله، ولذلك، فإن خير ما يعيد للقلب يقظته هو نظره في الكون، وعبادته الله من
خلال ذلك النظر.
ولهذا يتكرر في القرآن الكريم الدعوة إلى النظر، والدعوة إلى
العلم، بل إن القرآن الكريم أخبر بأن الخشية محصورة في العلماء.. فلا يعرف الله من
لا يعرف أكوانه.
بل إن القرآن الكريم دعا أولي العقول إلى إعمال فكرهم في
السماء.. ليعرفوا الله من خلالها، فقال تعالى:﴿ أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي
أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا
بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمّىً وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ
لَكَافِرُونَ ﴾ (الروم:8)
وأخبر الجاحدين الذين يجحدون قدرة الله على بعث مخلوقاته بعظمة
خلق الكون، فقال:﴿ لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ
خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ﴾ (غافر:57)