بعد أن عدنا إلى البيت في ذلك المساء قلت له: يا إمام.. كيف اكتفيت
في ذلك المجلس بتلك القصص، ولم تعدها إلى المواعظ التي تعود الوعاظ إلقاءها.
قال: من آداب الواعظ أن يغير أسلوب موعظته حتى لا يصيب الناس السأم
والملل.. فالملل هو أخطر ما يصيب المستمعين، ولذلك فإن الواعظ المستن بسنة رسول
الله a هو الذي يحرص على أن لا يجر
مستمعيه إليه.. فعن
ابن مسعود قال: (كان النبي a
يتخولنا بالموعظة في الأيام، كراهية السآمة علينا)[1]
قلت: فلم اخترت القصص بالذات؟
قال: لم يكن لي خيار في ذلك.. لقد كانت حال المستمعين وأسئلتهم
تستدعي أن أذكر لهم من القصص ما سمعت، فقصصت عليهم.
قلت: أترى أن للقصص من التأثير ما يمكن أن يؤثر في المستمعين؟
قال: أجل.. ولولا ذلك ما أمرنا الله تعالى باستعمال هذا الأسلوب،
فقال:﴿
فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ (لأعراف:من الآية 176).. ولولا ذلك ما قص علينا ربنا،
ولا قص علينا نبينا.. إن كلام ربنا، وهدي نبينا ﴿ لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ
يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ (فصلت:42)
قلت: فما وجه هذا التأثير؟
قال: لقد أخبر القرآن الكريم عن بعض تأثير القصص في نفس المتلقي، فقال:﴿
وَكُلّاً نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ
﴾ (هود: 120)، ففي هذه الآية الكريمة إخبار عن نوع من أنواع تأثير القصص
القرآني في النفس، وهو تثبيت المؤمن على دين الله، وأخذه