قال له الخضر:﴿ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ
شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً﴾ (الكهف: 70)
فانطلقا يمشيان على ساحل البحر، فمرت سفينة، فكلموهم أن يحملوهما،
فعرفوا الخضر، فحملوهم بغير نول، فلما ركبا في السفينة لم يفجأ إلا والخضر قد قلع
لوحا من ألواح السفينة بالقدوم، فقال له موسى: قد حملونا بغير نول، فعمدت إلى
سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها؟ لقد جئت شيئا إمرا:﴿ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ
إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (72) قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا
نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا (73)﴾ (الكهف)، قال: وقال
رسول الله a:(كانت الأولى من موسى نسيانا)
وجاء عصفور فنزل على حرف السفينة فنقر في البحر نقرة، أو نقرتين،
فقال له الخضر: ما علمي وعلمك في علم الله إلا مثل ما نقص هذا العصفور من هذا
البحر.
ثم خرجا من السفينة، فبينما هما يمشيان على الساحل إذ أبصر الخضر
غلاما يلعب مع الغلمان، فقتله، فقال له موسى:﴿ أَقَتَلْتَ نَفْسًا
زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا (74)قَالَ أَلَمْ أَقُلْ
لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (75)﴾ (الكهف)، قال:(وهذه
أشد من الأولى)، ﴿ قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا
تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً﴾ (الكهف:76)
فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما
فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض قال: مائل. فقال الخضر بيده، فأقامه، فقال موسى:
قوم أتيناهم فلم يطعمونا ولم يضيفونا، ﴿ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ
أَجْرًا (77) قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ
مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (78)﴾ (الكهف)، فقال رسول الله a:(وددنا أن موسى كان صبر حتى يقص الله
علينا من خبرهما) [1]
[1] رواه
البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه
والبيهقي في الأسماء والصفات.