ولكي ـ أحيانا ـ أشعر، وكأني قد التهمت جميع العلوم.. وأحيانا ـ وبكل
صراحة ـ أشعر أني أعلم أهل الأرض.. وأنه لا أحد يضاهيني في المعارف التي كتب لي أن
أتعلمها.
نظر إليه (الأمير)، وقال: لقد قص علينا رسول الله a قصة، فاسمعها، وارتق لتسمعها منه a.. قال رسول الله a: إن موسى قام خطيبا في بني إسرائيل
فسئل: أي الناس أعلم؟ قال: أنا. فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إليه، فأوحى الله
إليه: إن لي عبدا بمجمع البحرين هو أعلم منك. فقال موسى: يا رب، وكيف لي به؟ قال:
تأخذ معك حوتا، تجعله بمكتل، فحيثما فقدت الحوت فهو ثم.
فأخذ حوتا، فجعله بمكتل، ثم انطلق وانطلق معه بفتاه يوشع بن نون ـ
عليهما السلام ـ حتى إذا أتيا الصخرة وضعا رؤوسهما فناما، واضطرب الحوت في المكتل،
فخرج منه، فسقط في البحر واتخذ سبيله في البحر سربا، وأمسك الله عن الحوت جرية
الماء، فصار عليه مثل الطاق. فلما استيقظ نسي صاحبه أن يخبره بالحوت، فانطلقا بقية
يومهما وليلتهما، حتى إذا كان من الغد قال موسى لفتاه:﴿ آتِنَا غَدَاءَنَا
لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَباً﴾ (الكهف: 62)، ولم يجد موسى
النصب حتى جاوزا المكان الذي أمره الله به.
فرجعا يقصان أثرهما حتى انتهيا إلى الصخرة، فإذا رجل مسجى بثوب، فسلم
عليه موسى، فقال الخضر: وأنى بأرضك السلام!. قال: أنا موسى. قال: موسى بني
إسرائيل؟ قال: نعم، أتيتك لتعلمني مما علمت رشدا، قال: ﴿ إِنَّكَ لَنْ
تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً﴾ (الكهف: 67)، يا موسى إني على علم من علم الله
علمنيه، لا تعلمه أنت، وأنت على علم من علم الله علمكه الله لا أعلمه. فقال موسى:﴿
سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً﴾ (الكهف:
69)،