قال: يريد أن تلين من قلبه ما قسا، وتسيل من دموعه ما جف.
ذهب (الأمير) معه، وحدثه، ولم أسمع من حديثه إلا قوله له:(يا أمير
المؤمنين إن لك بين يدي الله تعالى مقاما وإن لك من مقامك منصرفا، فانظر إلى أين
منصرفك، إلى الجنة أم إلى النار؟)
قال له: زدني
فقال: إن أردت النجاة من عذاب الله، فليكن كبير المسلمين عندك أبا،
وأوسطهم عندك أخا، وأصغرهم عندك ولدا، فوقر أباك، وأكرم أخاك، وتحنن على ولدك.
بكى الأمير بكاء شديدا، حتى قال بعض رفقاء الأمير مخاطبا (الأمير):(ارفق
بأمير المؤمنين) فقال:(يا فلان.. تقتله أنت وأصحابك وارفق به أنا)
فقال الأمير: لا تسمع إليه.. زدني رحمك الله.
قال (الأمير): يا حسن الوجه، أنت الذي يسألك الله عز وجل عن هذا
الخلق يوم القيامة، فإن استطعت أن تقي هذا الوجه من النار، فافعل، وإياك أن تصبح
وتمسي وفي قلبك غش لأحد من رعيتك، فإن النبي a قال:(من اصبح لهم غاشا لم يرح رائحة
الجنة)[1]
فبكى الأمير، وقال له: عليك دين.
قال (الأمير): نعم، دين لربي يحاسبني عليه، فالويل لي إن سألني،
والويل لي إن ناقشني، والويل لي إن لم ألهم حجتي.