قلت: ولكن لم تقيد تلك الأحاديث التي رويتها بالخيلاء؟
قال: القاعدة عند العلماء هي حمل المطلق على المقيد.. وهي قاعدة
نستعملها في حياتنا، وسأضرب لك مثالا يقرب لك هذا.
أرأيت لو أن شخصا ذهب إلى طبيب، فنهاه عن طعام من الأطعمة بسبب
عدم ملاءتمه لمرضه، أترى من الحكمة أن يذهب ذلك المريض إلى الناس، ويحذرهم من ذلك
الطعام بحجة عدم مناسبته للصحة؟
قلت: يصح له أن يفعل ذلك مع من كان لهم نفس مرضه، أو إن كان ذلك
المرض مستشريا منتشرا.
قال: فهذا ما فعله النبي a.. لقد كان تطويل الثياب خاصا
بالمتكبرين المختالين.. فلذلك أرسل النبي a نهيه مطلقا تارة باعتباره الحالة العامة، وقيده تارة أخرى
ليحمل المطلق على المقيد.
شد انتباهي في السوق رجلين كانت سيما
ورثة النبوة تلوح عليهما.. وكانا يتحدثنان بهدوء وأدب، فاقربنا منهما، وهذا بعض ما
سمعته من حوارهما:
قال الأول: لا حرج عليك في أن تختار أجمل
حذاء.. فقد أمرنا الله تعالى بمراعاة الزينة في ثيابنا وفي كل شؤوننا،
فقال:﴿ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا
وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ (لأعراف:31)، وقد ورد في الحديث قوله a: (لا يدخل الجنّة من كان في
قلبه مثقال ذرّة من كبر، فقال رجل: إنّ الرّجل يحبّ أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة،
قال: (إنّ اللّه جميل يحبّ الجمال، الكبر بطر الحقّ، وغمط النّاس)[1]