قال ذلك بشوق عظيم أثر في تأثيرا كبيرا، فسألت الصالحي عن حكاية هذا الرجل، فابتسم، وقال: ألم تسمع بقول الشاعر:
أمر على الديار ديار ليلى أقبل ذا الجدار وذا الجدارا
وما حب الديار شغفن قلبي ولكن حب من سكن الديارا
قلت: بلى.. وقد سمعت الآخر يقول:
فيا ساكني أكتاف دجلة كلكم إلى القلب من أجل الحبيب حبيب
قال: فهذا خير معبر عن حال هذا الرجل.. فهو رجل متيم في حب حبيبه a، قد أفناه حبه عن كل شيء.. فهو لا يرى الدنيا إلا بمنظار حبيبه.
قلت: إني أرى السعادة تبدو في عينيه، وفي جميع ملامحه.
قال: وحق له أن يسعد.. فمن ظفر بحب كهذا الحب، فلن ينال إلا السعادة في الدنيا والآخرة.
قلت: إن من قومي من يسخر من هذا ومثله.. إنهم يعتبرونهم ـ بسلوكهم هذا ـ رجعيين.
ابتسم، وقال: ما من إنسان إلا ويحب في فترة من فترات حياته أن يكون رجعيا.
قلت: كيف ذلك؟
قال: أليس الشيخ يود أن يرجع إلى زمان شبابه؟
قلت: بلى..
قال: فزمان شباب هؤلاء هو زمن النبوة.. وهم يعتبرون ابتعادهم عنه هرما وشيخوخة تنفر نفوسهم منها.
سكت قليلا، ثم قال: هل يسخر قومك من الشباب الذي يقلد المغنين والممثلين واللاعبين؟
قلت: هل لا يفعلون ذلك.. بل إن أمثال أولئك يفعلون العجائب، ومع ذلك لا