أخشى أن يحمقك الناس، فقال: كان رسول
الله a لا يحدث بحديث إلا تبسم[1].
قال رجل من الجمع: نحن لا ننكر عليه
التبسم.. ولكنا ننكر عليه الضحك.. فما كانت سنة النبي a تجاوز التبسم، وقد حدث هند بن أبي هالة
قال: كان جل ضحك رسول الله a
التبسم ويفتر عن مثل حب الغمام[2].
قال الصالحي: لقد وصف ما رآه أو وصف
الغالب من أحوال النبي a..
وقد وصف غيره أن النبي a كان
يضحك أحيانا كما نضحك[3]..
ومن ذلك ما حدث به أبو ذر عن رسول الله a قال: (إني لأعلم أول رجل يدخل الجنة،
وآخر رجل يخرج من النار، يؤتى بالرجل يوم القيامة فيقال: أعرضوا عليه صغار ذنوبه،
ويخبأ عنه كبارها، فيقال له: عملت كذا وكذا، وهو يقر، لا ينكر، وهو يشفق من
كبارها، فيقال: أعطوه مكان كل سيئة عملها حسنة، قال: فيقول أي رب، إن لي ذنوبا ما
أراها ههنا)، قال أبو ذر: فلقد رأيت رسول الله a ضحك، حتى بدت نواجذه)[4]
قال الرجل: هذا تبسمه وضحكه.. فحدثنا عن
مزاحة وفكاهته.
قال الصالحي: لقد ذكر رسول الله a هذه الصفة فيه.. وأخبر أنها مقيدة
بالصدق.. فقد
[3] قال أبو الحسن بن الضحاك رحمه الله تعالى: صحت الأخبار،
وتظاهرت، بضحك رسول الله a بغير موطن، حتى تبدو نواجذه، وثبت عنه a أنه كان لا يضحك إلا
تبسما، ويمكن الجمع بينهما بأن يقال: إن التبسم كان الأغلب عليه، فيمكن أن يكون
الناقل عنه أنه كان لا يضحك إلا متبسما لم يشاهد من النبي a غير ما أخبر عنه، ويكون
من روى أنه ضحك، حتى بدت نواجذه قد شاهد ذلك في وقت ما فنقل ما شاهد، فلا اختلاف
بينهما، لاختلاف المواطن والأوقات ويمكن أن يكون في ابتداء أمره كان يضحك حتى تبدو
نواجذه في الأوقات النادرة، وكان آخر أمره لا يضحك إلا متبسما، وقد وردت عنه a أحاديث تدل على ذلك،
ويمكن أن يكون من روى عنه أنه كان لا يضحك إلا متبسما شاهد ضحكه، حتى بدت نواجذه
نادرا، فأخبر عن الأكثر، وغلبته على القليل النادر.