وتجشأ بعضهم عند رسول الله a فقال له: (أقصر عنا من جشائك، إن
أطول الناس جوعاً يوم القيامة أكثرهم شبعاً في الدنيا)[2]
قلت: ألا ترى أنك تضر صاحب المطعم بتصرفك.. إن صاحب المطعم يحب
أن يجنبي أرباحا.. وأنت تقف في طريقه.
قال: هو يحب أن يجني حلالا لا حراما.. إنه يوصينا دائما بذلك،
ويحذرنا من أن نغش الزبائن، فيحيق بنا ذلك العقاب الشديد الذي أخبر عنه a بقوله: (من غشنا فليس منا)[3].. وهو لا يسر بشيء كما يسر
بنصيحتنا للزبائن.
قلت: فصاحبك أفلس، أو يوشك أن يفلس لو استمر على هذا المنوال؟
قال: لا.. لقد بارك الله في رزقه.. فلا تزيده الأيام إلا غنى..
إن هذا المطعم الذي تراه واحد من المطاعم الكثيرة التي يملكها صاحب هذا المطعم..
فلا أحد يمر على هذا المطعم أو غيره من مطاعمه إلا ألفه، وأحبه، بل ونصب نفسه
مشهرا مجانيا له..
إن الله تعالى يعوض الناصح من فضله ما لا يدركه الغاش.. هكذا
علمنا نبينا.
قلت: فما حدثكم الوارث عن أسرار الإسراف؟
قال: لقد حضرت درسا من دروسه ذكر فيه قوله a: (ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من
بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لابد فاعلاً: فثلث لطعامه، وثلث
لشرابه، وثلث لنفسه)[4] وكان ما قاله مما لا أزال أذكره: (يشكل
الجزء العلوي من المعدة جيبا ممتلئا بالهواء