الغيبوبة.. أما شاربو الخمر المزمنون، فيتعرضون للتحلل
الأخلاقي الكامل مع الجنون)[1]
قال الرجل: حسبك.. فإن ما ذكرته كاف لأعرف خبثها.
قال النادل: اعذرني.. لقد جئت إلى المطعم لتأكل طعاما لا
كلاما.. فاطلب ما تريد.. واعفني من الخبائث.. وشأنك بما تشاء من الطيبات.
قال الرجل: لم أستفد في حياتي من مطعم كما استفدت من هذا
المطعم.. فبورك فيك.. وأحضر لي ـ على ذوقك ـ ما تشاء.
أسرع النادل، وأحضر له بعض الطعام، فرأيته الرجل يلتهمه بشهية
عجيبة.
انتبه النادل لي، فحضر، وحياني بأدب معتذرا عن تأخره، فقلت: لا
بأس عليك.. لقد استفدت كثيرا مما كنت تقوله.. فبورك فيك.. واطمئن.. فلن أطلب منك
إلا الطيبات.. فأنا شديد الشهية لها.. ولا أحسب أن ما قدمته لذلك الرجل يكفيني.
قال النادل: إن ما قدمته له محسوب بدقة.. ولا أرى إلا أنه
يكفيك.. لقد نهانا الله تعالى عن الإسراف، وأمرنا بالاقتصاد، فقال:﴿
وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا ﴾ (لأعراف: 31)
وأخبر تعالى أن الوقوف عند التلذذ بالطعام والشراب والتمتع بهما
إنما هو من صفات الكافرين الجاحدين، فقال:﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا
يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى
لَّهُمْ﴾ (الأحقاف:20)
ولهذا اعتبر a السمنة انحرافا، فقال: (إن خيركم قرني، ثم الذين يلونهم ثم
الذين يلونهم، ثم يكون من بعدهم قوم يشهدون ولا يستشهدون ويخونون ولا يؤتمنون
وينذرون ولا يوفون ويظهر فيهم السمن)
واعتبر a من الإسراف أن يأكل الإنسان كلما اشتهى، فقال: (إن من الإسراف
أن تأكل
[1] ) رئيس قسم الأمراض النفسية في جامعة لندن في أكبر وأشهر
مرجع طبي بريطاني (مرجع برايس الطبي- الطبعة العاشرة.