لكنه أبى كما أبت هذه الحضارة،
وصاح كما صاحت:﴿ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ
عِنْدِي﴾ (القصص:78)
أتدري ما مصيره؟
قلت: لقد خسف به.
قال: وكذلك هذه الحضارة سيخسف
بها.
قلت: ولكن حضارة المسلمين
سقطت.
قال: ولكن القيم التي قامت
عليها حضارة الإسلام لا تزال باقية.. ويمكنها أن تنبت من جديد.. فلا يمكن للبشر أن
يستمر لهم وجود بدونها.
***
ما إن وصل (كوستاف لوبون) من
حديثه إلى هذا الموضع حتى سمعنا صراخا عظيما من العمال، فحثثت خطاي أبحث عن سببه،
وإذا بي أرى قتيلين مشوهين غاية التشويه.
أما أحدهما، فقد سقطت عليه شجرة
من تلك الأشجار الضخمة، وأما الثاني، فقطعه منشار ضخم من تلك الآلات..
أسرعت إلي (كوستاف لوبون)
لأخبره، فبكى، وقال: هذا ما تفعله الحضارة.. وهذا هو مصيرها.. ستحطَِّم هذه
الحضارة بفطرة الأشجار التي ستنتصر على كل مصانع الدنيا.
وستكون الآلات التي يصنعها البشر
هي السيوف التي تغمد في قلوبهم لتطهر الأرض من شرهم.
قال ذلك.. ثم انصرف إلى وجوم
جعلني أبتعد عنه..
لم يمض وقت طويل حتى عاد العمال
إلى عملهم، منشغلين عن الجثتين اللتين أزيحتا
نام کتاب : ثمار من شجرة النبوة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 507