نام کتاب : ثمار من شجرة النبوة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 459
لقد عبر روسو ـ رائد الرومانسية ـ عن ذلك أوضح تعبير فى (راهب
سافوى) الذى هو صورة لذاته، إنه راهب بالفعل، ولكنه يختلف جذرياً عن رهبان
الكنيسة، فهو راهب فى صومعة الطبيعة يسبح بحمدها ويقدس لها.
وفى كتابات روسو (الاعترافات مثلاً) وقصائد بوب (مقال عن
الإنسان) وجوته (فاوست) وكذلك كيتس ولامارتين وأضرابهم نماذج واضحة للمذهب
الرومانسى فى أوج مجده.
الواقعية:
قلت: لقد ارتددنا على الرومانسية كما ارتددنا على الكلاسيكية.
قال: ذلك شيء طبيعي.. لقد عبر القرآن عن هذه
الارتدادات التي تصيب من لا يصيب الحق، فقال:﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ
كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ
يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ
سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾
(النور:39)
فالظمآن حسبما تشير إليه هذه الآية يظل ظمآن ما دام لا يجد إلا
السراب.. وحبه للماء يجعل يلهث وراء كل سراب طمعا في أن يكون ماء.. ولكن السراب لا
يتحول إلى ماء.
قلت: فأين القرار؟
قال: لقد ذكرته الآية:﴿ وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ ﴾.. القرار لا يكون إلا عند الله..
ولا يكون إلا في التوحيد.. لقد قال القرآن:﴿ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ﴾ (القمر:3)
القرار والسكينة والطمأنينة مفردات لا يمكن أن توجد إلا في
النصوص المقدسة التي لم تمتد إليها يد العابثين.
قلت: فما السراب الجديد الذي خلف الرومانسية؟
قال: عقلك يدل عليه..
قلت: لم أفهم..
نام کتاب : ثمار من شجرة النبوة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 459