نام کتاب : ثمار من شجرة النبوة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 428
الطغيان حين يبتدئ فيها باسم أهوائه لا باسم الله، فالقرآن يحكي
عن هود قوله:﴿ وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ
السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلا
تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ((هود:52) فهو لم يخبرهم بأن نتيجة إيمانهم بالله زوال
قوتهم التي كانوا يحرصون على الظهور بها، بل أخبر عن زيادة قوتهم.
بل أخبر القرآن أن القوة التي لا تستضيء بهدي الله مصيرها
الهلاك المحتم، ولذلك يدعو إلى السير في الأرض للبحث عن مصير الحضارات العظيمة
التي لم يبق منها إلا فلول آثار تدل على مدى طغيانها:﴿ أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ
فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ
مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا
وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ
وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ((الروم:9)
وذلك لأن أخطر ما تنفخه الصناعة في عقول أصحابها ذلك الاغترار
بالقوة، والذي حجبهم عن الله:﴿
فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ
أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ
أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآياتِنَا يَجْحَدُونَ((فصلت:15)
قلت: ربما يكون ما ذكرته صحيحا.. ولكنه يبقى
على المستوى النظري، فلم يستطع المسلمون أن يترجموا تلك التوجيهات القرآنية إلى
أفعال تنهض بالعلم، وتحقق به مصالح البشر.
انتفضت قائلة: لا.. بل لم يفعل المسلمون غير ما أمرهم به
دينهم.. لقد نهضوا ـ على ضوء تلك التوجيهات المقدسة ـ فحققوا في التراث الذي وصل
إليهم من الأمم المختلفة، ونقحوه، وأضافوا إليه كما كبيرا من العلم لولاه ما قامت
الحضارة الحديثة.
قلت: فكيف لم يصلوا إلى ما وصلنا إليه من
تطور؟
قالت: لا شك أنك تعلم أن التقدم العلمي يسير بطريقة خاصة..
فالمبادئ النظرية قد تستدعي الواحدة منها قرونا عديدة.. لكن تحويل تلك النظريات
إلى تطبيقات عملية لا يستغرق
نام کتاب : ثمار من شجرة النبوة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 428