نام کتاب : ثمار من شجرة النبوة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 254
قالت: لا.. في هذه الوجهة تجتمع الإنسانية مع العقلانية مع
الربانية..
فالعارف لا يحجب عن نفسه وعن الكون احتقارا لنفسه أو احتقارا
للكون.. وإنما هو يعيد في ذهنه نسبة الكون إلى صاحبه.. وبذلك تنتظم أموره جميعا..
العارف ينظر إلى الكون.. ويعيش الكون..
ولكن نظرته تختلف كثيرا عن نظرة الماديين الذين يصارعون الكون
ويصارعون أنفسهم.. ولا يرون في الكون ولا في أنفسهم من جوانب الجمال ما حجبهم عنه
صراعهم.
العارفون ينظرون إلى الكون المسبح قبل أن ينظروا إلى الكون
المسخر، فيجتهدون في تفقه أسرار تسابيحه، قال الغزالي: (فإذن جميع أقطار ملكوت
السموات والأرض ميدان العارف يتبوأ منه حيث يشاء من غير حاجة إلى أن يتحرّك إليها
بجسمه وشخصه، فهو من مطالعة جمال الملكوت في جنة عرضها السموات والأرض، وكل عارف
فله مثلها من غير أن يضيق بعضهم على بعض أصلاً، إلا أنهم يتفاوتون في سعة
منتزهاتهم بقدر تفاوتهم في اتساع نظرهم وسعة معارفهم، وهم درجات عند الله ولا يدخل
في الحِصر تفاوت درجاتهم)
إن هذه هي دعوة القرآن إلى التعرف على الله من خلال الآفاق
والأنفس..