نام کتاب : ثمار من شجرة النبوة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 253
إن هذه الجارية عبرت خير تعبير عن وجهة أولياء أمة محمد.. فهم
لا يعرفون إلا الله، ولا يبحثون إلا عن الله.
وقد قال مثلها ابن عطاء الله يحث المريدين على توحيد الوجهة: (كن
أيها العبد إبراهيمياً، فقد قال أبوك إبراهيم ـ صلوات الله عليه وسلامه ـ:﴿ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ﴾ (الأنعام:76).. وكل ما سوى الله آفل إما
وجوداً وإما إمكاناً، وقد قال سبحانه:﴿ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ﴾ (الحج:78).. فواجب على المؤمن أن يتبع ملة
إبراهيم، ومن ملة إبراهيم رفع الهمة عن الخلق، فإنه يوم زج به في المنجنيق تعرض له
جبريل عليه السلام فقال: ألك حاجة؟ فقال: أما إليك فلا وأما إلى الله فبلى، قال:
فاسئله، قال: حسبي من سؤالي علمه بحالي.. فانظر كيف رفع إبراهيم ـ صلوات الله
وسلامه عليه ـ همته عن الخلق ووجهها إلى الملك الحق، فلم يستغث بجبريل، ولا احتال
على السؤال من الله، بل رأى الحق سبحانه أقرب إليه من جبريل، ومن سؤله، فلذلك سلمه
من نمروذ ونكاله، وأنعم عليه بنواله وأفضاله، وخصه بوجود إقباله)
وقال في حكمة من حكمه الجليلة يحذر من الانقطاع في الطريق عن
الله بأي شاغل من الشواغل، أو زخرف من الزخارف: (لا ترحل من كون إلى كون، فتكون
كحمار الرحى يسير والذي ارتحل إليه هو الذي ارتحل منه، ولكن ارحل من الأكوان إلى
المكون: ﴿وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى﴾ (النجم:42)
والعارفون من المسلمين يعتبرون سكون الإنسان للأشياء وعدم عبوره
منها وقوفا بل سقوطا، فعن القاسم بن عبد الله البزار قال سمعت سري بن المغلس يقول:
(لو أن رجلا دخل إلى بستان فيه من جميع ما خلق الله تعالى من الأشجار، عليها من
جميع ما خلق الله تعالى من الأطيار، فخاطبه كل طائر منها بلغته، وقال: السلام عليك
يا ولي الله، فسكنت نفسه إلى ذلك كان في يدها أسيرا)
قلت: ألا ترين في هذا خطورة على إنسانية الإنسان وعلاقته
بالأكوان؟
نام کتاب : ثمار من شجرة النبوة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 253