قبله.. لقد سماه القرآن تعففا، وأثنى على أهله، فقال:﴿
لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَطِيعُونَ
ضَرْباً فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ
تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لا يَسْأَلونَ النَّاسَ إِلْحَافاً وَمَا تُنْفِقُوا
مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ﴾ (البقرة:273)
وقد ربى رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم أمته على هذا الخلق الرفيع.. ففي الحديث أن
ناسا من الأنصار سألوا رسولَ الله a فأَعْطَاهم، ثم سألوه فأَعْطَاهم، ثم سألوه
فأعطاهم، حتى إذا نَفِذَ ما عِنْدَهُ، قال: ما يكون عنْدي من خير فلَنْ أدَّخِرَهُ
عنكم، ومَنْ يَسْتَعِفف يُعِفُّه الله ومَن يستَغْنِ يُغْنهِ الله، ومن يتصبَّر
يُصَبِّره الله، وما أُعْطِي أحد عطاء هو خَير وأوسَع من الصبر)[1]
وروي أنَّه a استعمل رُجلا من بني عبد الأشْهَلِ على
الصدقةِ، فلما قَدِمَ سأله بعِيرا منها، فَغَضِبَ رسولُ الله a حتى احْمَرَّ وَجْهُه، وعُرِفَ الغضب في وجهه - وكان مما يُعْرَفُ به
الغضب في وجهه أن تحمرَّ عيناه - ثم قال: (ما بالُ رجال يسألني أحدهم ما لا يَصْلحُ
لي ولا له فإن منعته كَرهتُ مَنْعَهُ، وإنْ أعطيتُهُ أعطيتُه مالا يصلح لي ولا
له؟) فقال الرجل: يا رسولَ الله، لا أسألك منها شيئا أبدا[2].
وروي أن حكيم بن حزام قال: سألتُ رسولَ الله a
فأعطاني، ثم سألتُه فأعطاني، ثم سألتُه فأعطاني، ثم قال لي: يا حكيم، إن هذا المال
خَضر حُلْو، فَمَنْ أخذَه بسَخَاوَةِ نفسه بُورِكَ له فيه، ومن أخذه يأشراف نفسه
لم يُبَاركْ له فيه، وكان كالذي يأْكلُ ولا يشبَعُ، واليَدُ العُلْيا خير