لست أدري كيف صحت من غير أن أشعر: ولكني وجدت القرآن يقول
:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا
يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا
فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (105)﴾ (المائدة)؟
ألا ترى أن هذه الآية تحث على اهتمام كل امرئ بنفسه؟
ابتسم، وقال: هذه الآية تكمل تلك النصوص، ولا تناقضها.
قلت: كيف؟.. أنا لا أراها إلا متناقضة.
قال: سأجيبك بما يبين عظم المقصد الذي تحمله تلك الآية..
إنها تتحدث عن إيجابية أخرى ورد الحث عليها في النصوص الكثيرة.. هذه الإيجابية هي
الاهتمام بإصلاح النفس وإصلاح ما يمكن إصلاحه إن عجزنا عن إصلاح الكل.
قلت: لم أفهم.
قال: أرأيت لو أن شخصا عاش في واقع منحرف.. حاول إصلاحه بكل
ما يطيق من وسائل لكنه لم يستطع.. ماذا عسى هذا الإنسان أن يفعل.. أو ما عساك تنصح
هذا الإنسان؟
سكت، فقال: لا بد أنك ستقول له: لقد أديت ما عليك.. وحسبك
الآن أن تهتم بنفسك، وبرعاية من كلفت برعايته.
قلت: ربما أقول هذا.
قال: ألست تنصحه إن قلت له هذا؟
قلت: بلى.
قال: فهذا ما تنص عليه الآية.. إنها تقول لنا: ابذلوا كل
وسعكم لتصلحوا واقعكم.. لكنكم إن لم تستطيعوا، فحسبكم أنفسكم.. فلا يضركم من ضل
إذا اهتديتم.
قلت: إن كانت الآية تقصد هذا.. فهو معنى جميل صحيح.
قال: هي لا تقصد هذا فقط.. إنها تقول بالإضافة إلى ذلك للذين
يتألمون للواقع المنحرف