ومع هذا العدد المحدود، فقد يسر الله أداءها.. فشرع الجمع مطلقا..
وشرع القصر في الصلاة أثناء السفر، وذلك للظروف التي يمر بها الإنسان في هذه
الحالات من قلة في الماء أو البرد أو خوف من الطريق أو زيادة في المرض، لذلك جعل
الإسلام فيه الصلاة بشكل آخر يتناسب مع هذه الظروف فأجاز له الجمع والقصر، حيث
قصرت الصلوات الرباعية إلى ركعتين فقط.
ويتغير وضع الصلاة وكيفيتها في حالة الخوف في الحرب أو هجوم
سبع أو سيل أو نحوه، ويسهل أمرها وتقصر، وتسمى هذه الصلاة بصلاة الخوف، وقد نص
عليها في قوله تعالى :﴿ وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ
عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ
يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا
مُبِينًا (101)﴾ (النساء)
ثم ذكر الله تعالى أهميتها بتفصيل مع أن عادة القرآن الكريم
في مثل هذا هو تركه لهدي رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم
الذي يتولى تعليمه لأمته.. وفي هذا دليل على ما يوليه القرآن الكريم للتيسير من
عناية.
بالإضافة إلى هذا رفعت الشريعة وجوب الصلاة عن الحائض
والنفساء، ولا تقضيان بعد الطهر، وهذا عناية من الله تعالى بالمرأة لما تعانيه في
فترة الحيض والنفاس من آلام يصعب معها الصلاة، وقد تطول هذه المدة فيشق القضاء،
فجاءت الرحمة الربانية على المرأة بهذا التيسير، ولم يطلب منها قضاء تلك الصلوات
الفائتة عنها بعد ذلك.
بالإضافة إلى شرع سجود السهو لجبر الخلل الذي يحصل في الصلاة،
ولم يطلب الشارع إعادتها.
وفي الصيام نجد هذا التيسير والاعتدال على أتم وجوهه.. فهو
لم يفرض إلا في شهر واحد من السنة وهو شهر رمضان، وقد ذكر القرآن الكريم بعض
الأحكام المرتبطة به، وكلها تدل على عناية الله بعباده في رفع الحرج عنهم، وتيسير
التكاليف عليهم، قال تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا