قلنا: حدثتنا عن التجلي الثاني للرفق في التكاليف الشرعية..
فحدثنا عن التجلي الثالث.
قال: التجلي الثالث هو السماحة.. فالأحكام الشرعية من حيث
عددها ونوعها تتيح للإنسان أن يعيش حياة مستقرة طبيعية متوازنة لا يطغى فيها جانت
على جانب.
ففي العبادات نجد أن الله تعالى ـ تخفيفاً عنا ـ شرع لنا خمس
صلوات في اليوم والليلة، وأباح لنا الصلاة في أي مكان أدركتنا فيه الصلاة، وفرض
علينا صيام شهر واحد من أشهر السنة، وفرض الحج لمن استطاع إليه سبيلاً مرة واحدة
في العمر.
هذا عن كمها.. ومثل ذلك عن نوعها.. ففي الطهارة ـ مثلا ـ
أخبر a عن طهارة الماء، وأنه (لا ينجسه
شيء إلا ما غلب على ريحه وطعمه ولونه)[1]
وقال في قصة الأعرابي الذي بال في المسجد فقام الناس
ليقعوا:( دعوه وهريقوا على بوله سَجْلا من ماء أو ذَنوبًا من ماء، فإنما بُعثتم
ميسِّرين ولم تُبعثوا معسِّرين)[2]
وقال عن القذارة إذا تعلقت بالنعلين: (إذا جاء أحدكم إلى
المسجد فلينظر فإن رأى في نعليه قذرًا أو أذى فليمسحه وليصل فيهما)[3]
هذا بعض ما يرتبط بالطهارة[4].. أما الصلاة.. فقد فرضها الله
خمس مرات في اليوم والليلة، فلا تأخذ وقتًا طويلًا، ولا تشغل الإنسان عن أداء
أعماله اليومية، وإنما هي لقاءات مع الله تعالى يجدد فيها المؤمن العهد مع ربه على
الطاعة والاستقامة والصلاح.