سأضرب لكم مثالا على ذلك بالشعائر المرتبطة بالطهارة [1].. فالشريعة اليهودية تنص على
عدة مصادر أساسية للنجاسة الشعائرية أهمها أجساد الموتى كما في سفر (العدد: 19/11
وما يليها).. ومنها ما ورد في (سفر اللاويين ـ الإصحاحان 12، 13)..
وهذه المصادر تنص على أن الأشخاص الذين يتصلون بالأشياء
النجسة قد ينقلون نجاستهم إلى الآخرين.. وتنص على أن الأشياء المقدَّسة التي تنجس،
مثل القرابين التي تُقدَّم من ذبائح وحبوب، يجب أن تُحرَق.. وأنه ينبغي على
الأشخاص غير الطاهرين ألا يلمسوا الأشياء المقدَّسة، وألا يدخلوا الهيكل أو
ملحقاته.
ويبلغ التشدد قمته فيما يتصل بالتطهر المرتبط بأعلى درجات
النجاسة التي هي (ملامسة جثث الموتى).. فهذا النوع من الطهارة يتتطلب رش الماء
المخلوط برماد بقرة صغيرة حمراء.. ومثل هذه البقرة بالمواصفات التي ذكرها اليهود
تكاد تكون مستحيلة الوجود؟
بالإضافة إلى هذا التشدد المستحيل تطبيقه هناك تشددات أخرى
كثيرة..
منها مثلا أن على النساء المتهودات أن يأخذن حماماً طقوسياً
وهن عاريات تحت عيون ثلاثة حاخامات.. وهو أمر يرفضه كل ذي طبع سليم.
ومنها مثلا الشرائع الكثيرة المرتبطة بالحيض والنفاس ونحوهما..
ومنها التشددات المرتبطة بالحياة الاجتماعية.. ففي الشريعة
اليهودية لا يُسمَح للمرأة بأن تتزوج مرة أخرى إلا بعد حصولها على (جيط) وهي شهادة
شرعية تصدرها المحاكم الحاخامية.. ولكن الحصول على مثل هذه الشهادة كان أمراً في
غاية الصعوبة، الأمر الذي أدَّى إلى وجود عدد كبير من المطلقات والأرامل ممَّن لا
يحق لهن الزواج.. وقد بلغ عددهن 25