وكتب يحثهم على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: (قد ميزكم
اللّه تعالى حق تمييز، ووسمكم سِمَة لاتخفى على ذي لب، وذلك حين قال لكم:
﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ
يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ
وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ
سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ (التوبة:71)، فبدأ
بفضيلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ثم بفضيلة الآمرين بالمعروف والناهين عن
المنكر عنده، وبمنزلة القائمين بذلك من عباده.. واعلموا أن فريضة اللّه تعالى في
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا أقيمت له استقامت الفرائض بأسرها، هينها
وشديدها)
وكان مما رواه فوق ذلك عن آبائه عن رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم أنه قال: (إن أفضل الشهداء رجل قام إلى
إمام جائر فأمره بتقوى اللّه ونهاه عن معصية اللّه، وجاهده مقبلا غير مدبر، فقتل
وهو كذلك)
قال الجمع: عرفنا ما دعا إليه سميك، وما استرخص نفسه في
سبيله.. فما الذي تدعو إليه أنت؟
قال: أنا داعية الرفق.. فلا يمكن للعدل أن يزين الأرض
والمستبدون يقمعون الرعية، ويتشددون عليها، ولا يرعون لها أي حرمة.
قلنا: فما الذي جعلك تدعو إلى الرفق دون غيره من أركان
العدالة؟
قال: إن سؤالكم هذا قد يحيلكم على حياتي التي لا أحب أن
أتحدث عنها.. ولكني مع ذلك سأحدثكم عما يقتضيه المقام منها.. فلعل في حياتي ما
يقنعكم بهذه الوجهة التي توجهت إليها، والتي أقدم اليوم روحي في سبيلها.
في البدء كنت أنتمي لطائفة من
طوائف اليهود.. وقد كنت أرى الإرهاق الكبير الذي يصيب أفراد تلك الطائفة، وهي
تمارس طقوسها التعبدية الكثيرة.. والتي لم أكن أرى فيها إلا