قلت:
فما ذنب الذين كتب لهم أن يعيشوا في ظلمات الجور؟
قال:
إن سكتوا على الجور ورضخوا له كانوا شركاء فيه.. وإن نطقوا ونهضوا وصاحوا ضده
كانوا مجاهدين شهداء.. وكان لهم من السعادة ما كان لأصحاب الأنبياء الذين علقت
أجسادهم على الصلبان في سبيل الحق الذي يدعون إليه.
قلت:
أنا لا أتكلم عن الأقوياء.. أنا أتكلم عن الضعفاء.. أولئك العامة البسطاء.
قال:
لكل مسؤوليته.. ولكل واجبه.. ألم تسمع إلى ربك، وهو يقول :﴿ إِنَّ
الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ
كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ
أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ
وَسَاءَتْ مَصِيرًا (97) ﴾(النساء)؟
قلت:
بلى.
قال:
فهل رأيت ربك عذر هؤلاء الذين تترسوا بضعفهم؟
قلت:
لا.. لم يعذرهم الله.. ولم تعذرهم ملائكة الله.. بل ذكرت لهم أنه كان بإمكانهم أن
يهاجروا في الأرض، ليظفروا فيها بالأرض التي تعينهم على طاعة الله.
قال:
وهكذا لن يعذر كل أولئك الخاملين الذين تلذذوا بالسياط التي تلهب ظهورهم إلا إذا
مدوا أيديهم للأيدي التي تريد أن تنتشلهم.
قلت:
وأين مثل هذه الأيدي؟.. لقد قطعت.. ولم نعد نسمع إلا بأسماء أصحابها، ونترحم عليهم.
قال: جل جناب ربك أن يخلي الأرض من قائم له بالحجة.. ألم
تسمع قوله a: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين
حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون) ([1])