قال: أجل.. لقد ذكرت لك أن معي
النور.. والنور هو الوسيلة الوحيدة التي نميز بها الحقيقة من الوهم.
قلت: كيف؟
قال: أرأيت لو أنا كنا في
ظلمة، ووضع أحدنا يده على شيء، فوصفه بوصف، أو سماه باسم، ووصفه الآخر بوصف مختلف،
وأعطاه اسما مختلفا.. وهكذا.. ما هو المنهج السليم الذي تراه للخروج من مأزق
الخلاف مع أن الكل وصف ما رأى؟
قلت: ذلك بسيط.. نأتي بمصباح
نسلطه على ذلك الذي اختلفنا فيه، فنتعرف عليه من غير عناء.
قال: فإن معي مثل هذا المصباح.
قلت: من وهبه لك؟
قال: الله.. ربي.. هل تتصور أن
الذي خلق كل هذا الكون.. بهذه الدقة العجيبة.. وبهذه الحكمة الراقية.. وبهذه
الرحمة التي لا نظير لها.. يغفل عن مثل هذا؟
سكت، فقال: لقد أرسل الله لنا
محمدا a، فعرفنا بحقيقتنا.. وبالفطرة السليمة التي خلقنا عليه.. حتى إذا ما
تاهت بنا السبل عدنا إليها لنصحح ما وقعنا فيه من أخطاء.
قلت: لقد صحبت قوما يعزلون الله
عن التدخل في مثل هذا؟
ابتسم، وقال: هل يمكن لمثقفيكم
وباحثيكم أن يقولوا لأديسون[1] لا
تتحدث عن المصباح الكهربائي، أو عن مُشَغِّل الأسطوانات.. أو عن كل تلك الاختراعات
التي خدم بها
[1]
هو تُومَاس أَلْفَا أَدِيسُون (1847 - 1931م) أشهر مخترع أمريكي، من اختراعاته:
المصباح الكهربائي ومُشَغِّل الأسطوانات. وسجل ما مجموعه 1093 اختراعًا، وأجرى
تجارب في حقل الطب، وكاد يخترع المذياع، وتنبأ باستعمال الطاقة الذرية.. إضافة إلى
ذلك حَسَّنَ اختراعات الآخرين، ومنها الهاتف، والآلة الكاتبة، والمولِّد
الكهربائي، والقطار الكهربائي.